![]() ![]() ![]() ![]() |
العلامة الشيخ محمد بن ناصر العبودي .. أوراق في تكريمه بجامعة القاهرة
![]() 03-29-2014 01:51 PM
الجزيرة 29 / 3 / 2014
الجزيرة 29 / 3 / 2014 بالتعاون بين منتدى ثلوثية المشوح ومركز الدراسات الشرقية بجامعة القاهرة أقيم الأحد الماضي احتفال علمي تمت فيه قراءة أعمال الشيخ العلامة محمد العبودي وإنجازاته وسيتم نشر الأبحاث والأوراق في كتاب مستقل وتنشر «الثقافية» مجتزءات منها. وحول هذا يكتب كل من : 1- د : محمد بن عبدالله المشوح حديث تلميذ إلى شيخه في نهاية الأربعينات الميلادية انطلقت بواكير التعليم النظامي في المملكة العربية السعودية والتي كان شيخنا أحد مؤسسيه وروّاده ومنظريه بدءاً بعمله مدرساً في أول مدرسة ابتدائية افتتحت ثم مديراً لثاني مدرسة في مدينة بريدة بمنطقة القصيم في المملكة العربية السعودية ثم انطلقت همة القائمين على التعليم في المملكة العربية السعودية إلى إنشاء معاهد علمية على غرار ونمط وطريقة المعاهد الأزهرية التي زارها مفتي عام المملكة العربية السعودية آنذاك الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله وأعجب بها ونالت استحسانه ورغب في نقل تلكم التجربة العلمية الرائدة إلى بلدة المملكة العربية السعودية. وبالفعل تم افتتاح أول معهد علمي سعودي ثم لحقه معهد ثاني سنة 1372هـ في مدينة بريدة بمنطقة القصيم وتولى شيخنا إدارته ثم عهد إليه بمهمة التعاقد والاختيار لكوادر علمية مناسبة جادة تتولى التعليم والتدريس في تلكم المنارة العلمية. فكانت مصر وبالأخص الأزهر هي الوجهة الكبرى والأولى وفي حدود سنة 1955م وصل شيخنا إلى مصر في أول زيارة له إلى هناك لبدء مهمة التعاقد مع عدد من علماء وأساتذة الأزهر الشريف للعمل معه في المهمة الموكلة إليه. وبالفعل ابتدأت العلاقة له مع مصر بعلمائها وأدبائها ومفكريها فنهل من علومها واستفاد من تجاربهم الفكرية وكانت له اشتراكات صحفية متواصلة ومبكرة حيث تصله بعض الصحف والمجلات المصرية مثل المقطم وغيرها على فترات متفاوتة وذلك في أوائل الأربعينيات الميلادية. كل ذلك والمجتمع السعودي آنذاك لم يزل مجتمعا طرياً ناشئاً يسير بخطى موحده الملك عبدالعزيز الذي أراد منه أن يكون شعباً راقياً متعلماً رائداً. وكانت مصر بحراكها وعلومها وجامعاتها العريقة هي الجسر الأهم لذلك البناء المعرفي. وظل شيخنا يلاحق الكلمة ويعشق المعرفة ويتوق للعلم مع تعدد المسؤوليات وتزاحم الأعمال. وفي حدود سنة 1959م ظهرت أولى بوادر البناء العلمي والثقافي لشيخنا في جدية مبكرة ومبادرة شبابية رائدة اختزل خلالها دروب التردد والفشل التي قطعت الطريق أمام الآخرين. ليبادر إلى طباعة كتابة الأول الأمثال العامية في نجد محققاً بذلك أولى رياداته في التأليف في هذا المجال مبتدئاً مشواراً طويلاً مع أولياته وفرائده التي لم تكن لسواه. استقبل الناس كتابه هذا بترحاب كبير لأنه يعتبر من أوائل الكتاب السعوديين تأليفاً وتدويناً خصوصاً أنه كتب بلغة علمية وأدبية راقية. جمعت الجوانب الشرعية والإحساس والذائقة الأدبية والمعرفة الثقافية الواسعة. مقتفياً أثر الأديب المصري الشهير أحمد تيمور باشا في كتابه الأمثال العامية في مصر ولكن بطريقة نجدية مبتكرة رائدة جديدة جمع خلالها أكثر من خمسة آلاف مثل. وها هو زميله ورفيق دربه العلامة السعودي حمد الجاسر يصف كتابه الأمثال العامية في نجد في طبعته الأولى في مصر سنة 1379هـ فيقول: «وكتاب الأمثال العامية في نجد يعتبر باكورة طيبة من بواكير الدراسات الأدبية في قلب جزيرة العرب هذه البلاد التي لا تزال بحاجة إلى كثير من الدراسات في جميع أوجه مظاهر الحياة العامة بالنسبة لسكانها من تاريخية واجتماعية وأدبية وغيرها. وسيدرك القراء ما بذله المؤلف الأستاذ الأديب محمد العبودي من جهد كبير يتبين واضحاً في مادته الغزيرة بحيث احتوى على ما يقارب ألفي مثل، وفي البحث العميق عن أصول تلك الأمثال وفي مقارنتها بمثيلاتها لدى سكان الأقطار العربية كالشام ومصر، وفي كثرة ما رجع إليه الأستاذ المؤلف من أمهات كتب الأدب العربي، وما استقى منه من مصادر مختلفة. ولهذا فإن الدارسين لتاريخ آداب هذه البلاد، بل كل المعنيين بدراسة الآداب العربية في جميع أقطار العروبة - سيحمدون للمؤلف الكريم صنيعه، وسيجدون في مؤلفه هذا ذخيرة طيبة، غزيرة في موضوعاتها، غزيرة في فائدتها، مكملة لجانب من جوانب الدراسات الأدبية، كان ناقصاً لو لم يقم الأستاذ العبودي بتأليف هذا الكتاب، في هذه الصورة التي استحق عليها طيب الشكر وجميل التقدير من جمهرة القراء لا في هذا الجزء من البلاد الذي عني المؤلف بالبحث في أمثال سكانه، بل في جميع البلاد العربية، فقد أبان المؤلف بكتابه هذا ناحية مهمة من نواحي الاتصال والارتباط بين أبناء البلاد العربية على تباين أقطارهم وتباعدها. وما أجدر الأمة العربية -في عصرها الحاضر- بأن يتجه كتابها وباحثوها إلى إبراز النواحي التي تقوى الأواصر، وتوثق الروابط وتحرك في النفوس بواعث التواصل وتدفع إلى التعارف وتوجد أسباب التآخي والتواد بين جميع أبناء العرب. ولئن كان من حق المؤلف الكريم على القراء -وهذا من حقه بلا ريب- أن يقدروا ما بذله من جهد حق قدره، وأن يستقبلوا هذا الكتاب أحسن استقبال، فإن من حق هؤلاء القراء على المؤلف أن يستنجزوه الوعد بسرعة إصدار القسم الثاني منه ، وأن يستحثوا عزيمته، لا لاستكمال البحث في موضوع الأمثال فحسب، بل بالاتجاه إلى نواح جديدة أخرى في هذه البلاد بالدراسة والتأليف، لأن هذه الباكورة اليانعة الطيبة التي قدمها الأستاذ العبودي تدفع إلى التطلع إلى ثمار شهية ناضجة من دراساته المقبلة....» انتهى. ولم يكن يعلم شيخنا أن مصر العلم والثقافة سوف تكون بداية انطلاقته مع التأليف والكتابة والتدوين ليتربع اليوم على عرش المؤلفين السعوديين إن لم يكن العرب في أكثر من مائتين وأربعة وعشرين كتاباً مطبوعاً وما يقارب مائة وثمانين كتاباً مخطوطاً جاهزة للطبع والنشر. وظلت مسيرته تسير بخطى ثابتة جادة تتزاحم حوله العلوم والفنون متأبطاً ما وهبه الله من قدرة على الحفظ وصبر على التدوين وقدرة على التميز وملكات علمية فذة جعلته اليوم بلا جدال أحد أبرز العلماء العرب الموسوعيين. حيث كتب في الشريعة واللغة والأدب والتاريخ والأنساب والفلك والجغرافيا كما كتب في فنون القصة والرواية وفن المقامات المندثر. وحظي شيخنا خلال مسيرته تلك بالاحتفاء والتقدير من قبل الجميع وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي قلده وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى إضافة على تكريم صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء بصفته احد الرواد في التاريخ المحلي السعودية وامتدت عطاءاته إلى آفاق واسعة حيث كانت له إسهامات مميزة في الأعمال والمسؤوليات الكبرى التي أسندت إليه من قبل الدولة. حيث كان أحد أبرز المؤسسين للجامعة الإسلامية في المدينة المنورة وكذلك أول أمين عام لها وأول أمين عام للهيئة العليا للدعوة الإسلامية والأمين العام المساعد لرابطة العالم الإسلامية مدة ناهزت ثلاثين عاماً. ليحط الرحال متنوعاً لأعمال مشاريعه العلمية الرائدة في التأليف بعد خدمة عملية أمضاها في الدولة ومسؤولياتها الكبرى أكثر من سبعين عاماً. وإن مسيرة العلاَّمة الشيخ محمد بن ناصر العبودي في البحث والتأليف والكتابة والتدوين في الدعوة والأدب والتراث لَتَسْتَدْعِي من عاشقي العلم التوقف والتأمل؛ لإبرازها إلى خلوف الأجيال من بعد، والذي صار بدوره ظاهرة تستحق المعاينة والدراسة، ومرحلة تاريخية يلزم كشفها ودراستها. ها هو ذا العلاَّمة العبودي بقامته الممتدة عبر علومه المتزاحمة، وفنونه المشرعة، يقدم أنموذجًا فريدًا لشخصيات فريدة اختصتها المملكة العربية السعودية؛ فقدم وبذل حتى احتلَّ منزلة شمَّاء في نفوس الناس كافَِّة. بل لقد سَبَقَتْ ذكرى محاسنه إلى السمع، ووصل خبر لطائفه إلى الفؤاد، وحقًّا ما قيل: «وما المرء إلا ذكره ومآثره» وقول الآخر: ويبقى من المال الأحاديث والذكرُ أماوي إن المال غادٍ ورائح إن الحديث عن العلاَّمة العبودي أمنية تراود الكثيرين؛ آمل أن أكون قد قمت بالفرض الكفائي فيه. ولقد آنس هذا العلاَّمة من نفسه مخايل النبوغ ومواهب الإبداع، فدأب يسعى بِجَدٍّ واجتهاد للتحصيل والطلب، فنمَّى نبوغه وغذَّى مداركه حتى إذا ما اشتدَّ ساعده، واستوى على سوقه، قام بهمة وعزيمة ببذل علمه وما آتاه الله إيَّاه من مواهبَ وقدراتٍ. لقد جال هذا العلاَّمة العالم ببصيرة نافذة، وعقل راجح، وفؤاد حيٍّ، وعمق ديني راشد، وحسٍّ حضاري مفتوح بأن ذلك في شخصه وبدا على مُحَيَّاه. ولم يكن أنانيًّا في حياته وتجاربه، بل صاغ ذلك في كتبه، ودَوَّنَ ما لَقِيَهُ في سطور أوراقه ومخطوطاته، حتى اجتمعَتْ فيه علومٌ وفنون ومعارف شَتَّى، كلها تتجاذب العلاَّمة العبودي إلى كنفها ومحيطها. وقد نال العلاَّمة العبودي من تلك المعارف حظَّه ومبتغاه، فأبصرَتْ عيناه حضارات الأمم، ووطئت قدماه حواضرَ العالم القديم والحديث، فلم يبعده ذلك عن فكْر أُمَّته وتراثها، ولم يحجبه عن مكامن مجدها وحضارتها الخالدة، بل قد أصاب من تلك الحضارة خيرها، وارتوى على أثر ذلك من مَعِينِ أمته الصافي. 2- د. إبراهيم التركي عامان في مجلس الشيخ فاتحة: لنا أن نطاول بوقته مصطفًا بجانب علمه؛ فالفضاءُ المعرفيُّ لا يدينُ لكتابٍ وكاتبٍ أو لمنبرٍ وقائل لكنه يتجاوزهما إلى الشخصِ مع النصّ فلا يلتقي الرأس الممتلئُ والبذل المنكفئُ، ولا يعنينا العلم الممتد والتعامل المرتد، ونفتش في السير فنعتبر؛ فليس من قال كن فعل، وليس من أعطى كمن بخل. تمهيد: عُرفت المنتدياتُ الخاصةُ عبر التأريخ وتعددت وسائطُها وأهدافها، وربما كان مشاؤو «أرسطو1»- تأسست عام 335 قبل الميلاد- نموذجًا أولَ لما مثله مريدوه في حرصهم على استصحاب أستاذهم وهم يمشون بين الأشجار اقتناعًا بتأثير ناتجِه الموجب على الفهم، وبقيت مدرسة المشائين بعد وفاته بقرون وتخرج فيها عدد من النابهين في المنطق والفلسفة والعلوم والرياضيات، كما جاءت المنتديات البيتية بديلًا عن المشي، وعرف تأريخنا القديم والحديث عددًا منها كما كان يُروى عن مجلس «قيس بن عاصم2 « قبل الإسلام ومجالس الخلفاء والأدباء ومنهم ومنهن: سكينة بنت الحسين3 وولادة بنت المستكفي4 ومي زيادة5 وطه حسين6 والعقاد7 وآخرون، وذُكر بعضها في الشعر كما صنع إسماعيل صبري8 1854-1923 م مع صالون مي إذ ينسب إليه: روحي على بعض دُور الحي حائمةٌ كظامئ الطير تواقًا إلى الماء إن لم أمتع بميٍّ ناظريَّ غدًا أنكرت صبحك يا يوم الثلاثاءِ كما وُثقت بعض حكاياتها في مؤلفات مثل العقد الفريد والإمتاع والمؤانسة وفي صالون العقاد كانت لنا أيام والإثنينية، وفي المملكة العربية السعودية تنوعت المنتديات الشخصية وتكاملت أغراضها بين مجالس مفتوحة ومغلقة وبين ما هدفها التكريم وتهتم بالإعلام وما تقتصر على أحاديث عامةٍ ومحاضرات متخصصة، وبرز منها سبتية الجاسرين ( حمد 9 وعبدالكريم 10) في الرياض وأحدية المبارَكَين (أحمد 11 في الأحساء وراشد 12 في الرياض) وسارة 13 الخزيم في الخرج وإثنينية الجهيمان 14 في الرياض وخوجة 15 في جدة وثلوثية المشوح 16 وبامحسون 17 في الرياض وأربعاوية الرفاعي 18- باجنيد 19 المسماة الوفاء وابن عقيل 20 في الرياض والمشيقح 21 في بريدة وخميسية الموكلي 22 في جازان وجُمعية شلبي 23 في الرياض ويومية عبدالرحمن العثيمين 24 في عنيزة، وهذه نماذج للتمثيل فقط، ويتفاوت انتظامُها وأسلوبُ إدارتها ونوعيةُ المعنيين بها. الفكرة والتنفيذ: ربما جاز لصاحبكم أن يدَّعي أنه أول من طرح فكرة المجلس أو الجلسة على معالي الشيخ العلامة محمد بن ناصر العبودي عبر الوسيط الإعلامي المقروء إثر انتقال مقر إقامته من مكة المكرمة إلى الرياض بعد تقاعده؛ فكتب في العدد 365 الصادر في الثامن من شهر ربيع الآخر عام 1433هـ (1-3-2012م ) - من المجلة الثقافية الصادرة عن صحيفة الجزيرة يطالب الشيخ - بعدما استقر في الرياض - بتخصيص وقتٍ لمحبيه كي يلتقوا به ويستفيدوا من علمه: «يوشك أن يكمل التسعين؛ منها سبعون عامًا من العمل الرسمي ليفرغ لنا العلامة الشيخ محمد بن ناصر العبودي الأمين العام المساعد السابق لرابطة العالم الإسلامي ولمشروعاته البحثية التي لم يعقه عنها عمله الطويل، فحظيت المكتبة الجغرافية والتأريخية واللغوية بأكثر من مئتي كتاب (بعضها في أجزاء متعددة) ليبدو واحدًا من أهراماتنا الثقافية التي نطاول بها؛ مضيفًا إليها سماتٍ شخصيةً مشرقةً في الطيبة وحسن الخلق وتواضع الكبار والكرم والخدمة ولين المعشر وبذل العلم لطالبيه ووفائه بحق مدينته (بريدة) وبقية مدنه على امتداد الوطن وعبر العالم الذي طاف بكل أرجائه؛ فتجاوز ما زاره الرحالة قبله، وصار مرجعًا في عادات الشعوب وثقافاتها، وقد فرح محبو الشيخ بتقاعده لظنهم أنه سيستقر أكثر في الرياض، مؤملين أن يفتتح منتدىً ثابتًا خاصًا به في ليلة أو ليلتين؛ ليكون كما المجالس المنزلية ذات الأثر الكبير في تعريف الشباب على رمز مهم من رموزهم والاستضاءة بما خطه في حياته سعيًا ووعيًا وتجارب؛ أمد الله في عمر شيخنا أبي ناصر وبارك في عمله وعلمه». وجاءت استجابة الشيخ فوريةً حيث نشرت الثقافية في عددها التالي ذي الرقم 366 الصادر يوم الخميس 15 ربيع الآخر1433هـ الموافق 8-3-2012م. «تواصلاً مع مقترح الثقافية في العدد الماضي حول ما يتطلع إليه مريدو الشيخ محمد العبودي في أن يفتتح منتدىً ثابتًا خاصًا به في ليلة أو ليلتين؛ ليكون كما المجالس المنزلية ذات الأثر الكبير في تعريف الشباب على رمز مهم من رموزهم والاستضاءة بما خطه في حياته سعيًا ووعيًا وتجارب أعلن الشيخ العبودي حفظه الله مغرب يوم الإثنين من كل أسبوع لقاء منزلياً خاصاً بمحبيه وتلامذته.. «الثقافية» تعتز بهذه الخطوة التي صادفت عزيمة وعطاء ممتدين لدى شيخنا الكبير.. والتهاني موصولة لمحبيه الكثر. أي أن ندوتنا الثلوثية « القاهرية» هذه تجيء وقد مضى عامان كاملان من عمر مجلس الشيخ الإثنيني الذي ابتدأ الإثنين 19 ربيع الآخر 1433هـ (12-3-2012م)، ويُستهلُّ عادةً عقب صلاة المغرب مباشرةً وينتهي مع أذان العشاء للمتعجلين من مرتادي الندوة وبعد أدائها جماعةً خلف الشيخ للمتريثين، وهو مجلس منتظم لا يكاد يُخلفُ إلا عند سفر الشيخ خارج الرياض ووقت إجازات الأعياد والإجازات المدرسية. موقع الجلسة: يقع مجلس الشيخ في دارته العامرة بحي النزهة في شمال مدينة الرياض، وخصص له الشيخ صالونًا داخليًا مساحته مئة متر مربع تقريبًا، ولم يستقل الشيخ بمقعد منفصل بل يقتعد أريكةً تتسع لثلاثة أشخاص يشغلها غالبًا أصدقاؤه ومرتادو إثنينيته من كبار السن ويتوزع الباقون على أرائك مماثلة تتسع لما لا يقل عن ثلاثين شخصًا وبالإمكان زيادة الطاقة الاستيعابية إلى أكثر من الضعف لو وضعت كراسٍ في منتصف الصالون وهو ما سيتيح القربَ من الشيخ وسماع حديثه بوضوح وتجاوزَ ما قد يحصل من أحاديث جانبية بين النائين وبخاصة أن الشيخ لم يفضل بعد وجود مايكروفون متنقل بين الشيخ ومجموعة المداخلين والمستفهمين ،ويحرص الشيخ على استقبال وتوديع جلسائه واقفًا بالرغم من يقينه أن مريديه لا يريدون المشقة عليه،كما تُقدَّم لهم في مجلسه القهوة والشاي والزنجبيل والتمر وبعض المأكولات الخفيفة كالمصابيب والحنيني» في وقت الشتاء»، ولا ينساهم موسمًيا من توفير ثمر نخلته المفضلة» العبودية» التي لا توجد إلا في مزرعته ومزارع من أهدى إليهم فسائل منها، ويقال إنها مأمونة لمرضى السكر بعد تحليلات مخبرية أثبتت ذلك. موضوعات الجلسة: في أولى الجلسات استفتى الشيخ جلساءه عن الأسلوب الأمثل لجعل الجلسة ذات إضاءة وإضافة، واستعرض معهم طبيعة المجالس المماثلة ووجود من يستعين بمحاضرين وفق جدولة محددة لاسم المحاضر وطبيعة محاضرته، ورأى الأكثرية أن هدفهم من المجيء للجلسة هو الاستماعُ للشيخ ومناقشتُه والإفادةُ من علمه فلا معنى لاستجلاب محاضر أو اقتراح محاضرات، وصار المجلس معتمدًا على ما يثيره مرتادوها من استفهامات وما يقدمه الشيخ من إجابات واستطرادات وفوائد تشمل مختلف حقول المعرفة لما يمتاز به الشيخ حفظه الله من سعة في المعلومات وشمولية في اتجاهاتها وما حباه الله به من ذاكرة استدعائية نادرة تحيط بالموضوعات وتفصيلاتها ؛ فهو فقيهٌ لغوي أديب رحالة مؤرخ عالم بالأنساب والأسر محيطٌ بها إحاطة المتخصص،ويزيد عليها تواضعُه العلمي فنسمع منه ثناءً على مريديه وإشادةً بجهودهم وتحريه الدقة وتبيان عدم جزمه برأيٍ في القضية المبحوثة ورغبته العودة لمكتبته من أجل مزيد من التثبت. نماذج من الموضوعات: لا يمكن حصر الموضوعات المطروحة في ندوةٍ عقد منها حتى الآن ما لا يقل عن ثمانين جلسةً وفي كل جلسة تثار عدةٌ من قضايا، ويمكن رصد عينات مما طرح وفق العناوين الآتية: * * وضع المسلمين في أوكرانيا وشبه جزيرة القرم وأفريقيا الوسطى ومالي وكوبا. * * بناء أول كنيسة في جزيرة العرب قبل الإسلام في نجد. * * ذكريات مع العلماء ومنهم المشايخ: ابن إبراهيم وابن باز وابن حميد والألباني وآل سليم وآخرون. * * ذكريات مع الوجوه الاجتماعية والثقافية مثل: قني وحمدة وصالح بن صالح وعبدالرحمن الربيعي ومطوع اللسيب والملا ابن سيف وسواهم * * أنساب الأسر النجدية تحديدًا وتواريخ هجرتها. * * جغرافية القصيم بشكل خاص وأبرز معالمها وما ورد حولها في الشعر القديم. * * توثيق بعض الأحاديث النبوية المتعلقة بالمكان والزمان مثل حديث الأرضين السبع. * * حكايات طريفة عن رحلاته والمواقف الغريبة والمفاجآت التي حدثت فيها. * * تحقيق بعض الروايات التأريخية الشفاهية الواردة على ألسنة الرواة وفي المخطوطات وبخاصة ما يتصل بأحداث الجزيرة العربية. * * التدارس في بعض الأحكام الفقهية المتصلة بالصلاة والصوم وقضايا المسلمين في البلاد غير الإسلامية. جلساء الإثنينية: يتنوع مرتادو مجلس الشيخ ففيهم العالم والمتعلم والشيخ والشاب والأقارب والأباعد ويمثلون طيفًا اجتماعيًا واسعًا من جميع مناطق المملكة وبعض الدول العربية مثلما هو مفتوح لمن شاء الحضور دون تمييز، ويلاحظ وجود شخوص ملازمين للحضور وآخرين غير ثابتين، كما أن بعضهم يسجل عبر الورق والحاسوب أبرز ما يقوله الشيخ. خاتمة: يشعر مرتادو مجلس الشيخ بالحميمية حيث يحتفي بقادمهم ويتفقد غائبهم ويحتفي بأسئلتهم وتعقيباتهم ويجيد الإصغاء إليهم مع أنه أعلم منهم بما يعلقون عليه أو يبتدئون الحديث فيه ممتعًا بأخلاق العلماء الكبار مستعيدين معه قول ابن الرومي 836-893م: وتراه يصغي للحديث بسمعه وبقلبه ولعله أدرى بهِ ومع ازدياد مرتادي ندوة الشيخ حفظه الله فإن الحاجة قد تدعو لترتيب المقاعد بشكل أكثر تنظيمًا من وضعها الحالي بوصفها صالون استقبال جميلًا وإضافة بعض المقاعد الوسطية على شكل صفوف كي تستوعب عددًا أكبر ،وربما رأى المعنيون بها وعل ى رأسهم الدكتور محمد المشوح والمهندس ناصر العبودي أهمية توثيق جلساتها بالصوت والصورة فستكون لها قيمتها العلمية والتأريخية بعد حين، ويتصل الدعاء لشيخنا الجليل أبي ناصر بطول العمر وسداد العمل. وبعد: سقى الله من أضاء وأضاف وقدَّم فتقدم ومنح حبَّه كما وظّف حبره فاستحقَّ أن يعتليَ المكان وتدينَ له المكانة. *** هوامش: 1- أرسطو ( 384 ق.م - 322 ق.م ) فيلسوف يوناني عريق، أستاذه أفلاطون ومن تلامذته الإسكندر الأكبر وقد ظلت مدرسة المشائين في زمنه ثلاثة عشر عاما. 2- قيس بن عاصم التميمي حليم العرب شاعر وفارس وحكيم عاش في الجاهلية وأدرك الإسلام ولقي الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وروى عنه. 3- «سكينة بنت الحسين ابن علي ابن أبي طالب رضي الله عنهم، واسمها آمنة وسكينة لقبها، ولدت عام 667م وتوفيت عام 735م. 4- ولاّدة بنت المستكفي بالله محمد بن عبد الرحمن الأموي، أميرة أندلسية وشاعرة فصيحة ولها مجلس مشهود في قرطبة، توفيت عام 1091م للهجرة في أحد الأقوال وعمرت قرابة مئة عام. 5- ماري بنت إلياس زيادة أديبة وشاعرة فلسطينية ولدت في الناصرة عام 1886م وتوفيت في القاهرة عام 1941م واشتهر منتداها وعلاقتها بجبران. 6- طه حسين علي سلامة 1889-1973 م معلم ثقافي شامخ عمل أستاذًا جامعيًا وعميدًا ووزيرًا وكان منزله» رامتان» مقصد محبيه. 7- عباس محمود العقاد علم فكري بارز ولد في أسوان عام 1889م وتوفي في القاهرة عام 1964م وكان يعقد مجلسه العام يوم الجمعة. 8- إسماعيل صبري باشا (1854 - 1923م) ويُلقب بشيخ الشعراء وإن لم يُروّ له الكثير وكان أول نائب عام مصري، ثم عُين محافظاً للإسكندرية، ووكيلًا لوزارة الحقانية. 9- حمد بن محمد الجاسر 1910-2000 م يلقب:»علامة الجزيرة العربية» وهو باحث ومؤرخ ومؤسس دار اليمامة وصحيفة اليمامة ومجلة العرب واشتهر بجلسته ضحى الخميس التي أصبحت مجلسًا باسمه ضحى كل سبت. 10- عبد الكريم بن عبد العزيز بن إبراهيم الجاسر رجل أعمال يحمل الشهادة الجامعية من كلية اللغة العربية عام 1967م وله صالون ثقافي مساء كل سبت. 11- الأديب والسفير الشيخ أحمد بن علي المبارك من الأحساء تعلم في مصر وقابل أبرز وجوهها الثقافية وابتدأت ندوته عام 1991م وتوفي عام 2010م 12- الدكتور راشد بن عبدالعزيز المبارك ولد عام 1935م في الأحساء وهو مثقف وأديب تخصص في الفيزياء والكيمياء وله جلسة أحدية مسائية تجاوز عمرها ثلث قرن. 13- سارة عبدالله الخزيم من مدينة الخرج عملت في حقل التربية والتعليم ثم تفرغت لصالونها النسوي الثقافي الذي أنشأته عام 2013م. 14- عبد الكريم بن عبد العزيز الجهيمان ( 1912- 2011م)، صحفي وأديب وباحث من الرعيل المؤسس ،وكانت له جلسة أسبوعية مغرب كل إثنين استمرت شهريًا بعد وفاته. 15- عبدالمقصود محمد سعيد خوجة رجل أعمل ومثقف وصاحب صالون إثنيني مشهود يعتني بتكريم البارزين من السعوديين والعرب وطبع أعمال الرواد ونشرها. 16- « الدكتور محمد بن عبدالله ابن إبراهيم المشوح (1966م -) محامي ومستشار قانوني تخصص في الشريعة ويمارس المحاماة وله صالون ثلاثائي يكرم فيه أبرز الشخصيات الثقافية والمجتمعية. 17- الدكتور عمر عبدالله بامحسون (1943م- ) متخصص في القانون ولديه مكتب للمحاماة كما له صالون ثلاثائي متعدد الاهتمامات. 18- عبدالعزيز بن أحمد ابن عبدالكريم الرفاعي من مواليد أملج (1923-1993م) وهو باحث وأديب ومؤسس المكتبة الصغيرة ودار ثقيف وله صالون خميسي تحول أربعاويًا بعد وفاته. 19- الشيخ أحمد بن محمد باجنيد (1943م -) رجل أعمال ومحب للثقافة وأهلها ومن المداومين على حضور ندوة الرفاعي، وفي حياته كما بعد وفاته استضافها في دارته مواصلًا نهجها. 20- الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز ابن عقيل (1916-2011م )عالم بارزٌ يعد مرجعًا في الفقه الحنبلي وهو من أخلص وأقرب تلاميذ الإمام عبدالرحمن السعدي وله ندوة علمية أسبوعية مستمرة بعد وفاته. 21- الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله ابن عبدالعزيز المشيقح ( 1944م - ) متخصص في التربية وعضو سابق في مجلس الشورى وله منتدىً ثقافي أسبوعي في مدينته بريدة. 22- عبدالرحمن الموكلي شاعر من جازان أصدر عددًا من الدواوين وحظي باحتفاء النقاد وله صالون ثقافي أنشأه عام 2006م. 23- معتوق عبدالرحمن شلبي (توفي عام 2009م) وشغل مناصب في وزارة الثقافة والإعلام وآخرها وكيل لها للشؤون الإدارية وندوته مستمرة بعد وفاته. 24- الدكتور عبدالرحمن السليمان العثيمين (1945م-) عمل أستاذًا بجامعة أم القرى وهو من أبرز المحققين في زمننا ومتخصص في النحو والصرف وعلوم اللغة وله جلسة يومية في دارته بعنيزة. 3- د : حسن بن فهد الهويمل أدب الرحلة عند العبودي..! يوم لا أنساه، والأيام المحفورة في الذاكرة كثيرة.منها المفرح، والمترح، ومنها المخيف، المُطَمْئِن.. كلها تتجاور في أعماق النفس بتناقضاتها الصارخة، ومتى عفت مع تطاول الزمن، جاءت المناسبات، كما السيول التي تجلي الطلول. وتكريم العلاَّمة معالي الشيخ محمد بن ناصر العبودي في أي محفل في مصر أو في السعودية يعيد لي يوماً تفصلني عنه ستة عقود، إنه زمن طويل، ولكنه لم يستطع طمس أحداث ذلك اليوم، فكأن بيني وبينها ساعة من نهار. في صبيحة الخامس عشر من شهر صفر عام 1374هـ لملمت أطرافي المبعثرة، وغسلت وجهي المغبر، ولا أستبعد أنني استعرت عباءة وحذاء، ودفعت بكل هذه الملفقات إلي مكتب طيني صغير، يقبع في أقصاه رجل مهيب الجانب، تزينه وضاءة العلم، ويملؤه حنو المعلم. إنه العلاَّمة [محمد العبودي]، كنت يومها في السنة الرابعة الابتدائية، وكان لدى (المعهد العلمي) إذ ذاك مرحلة تمهيدية، تسبق المتوسط، ويُقْبل فيها المتفوقون، ليدرسوا في المرحلة التمهيدية. لم أكن متفوقاً، ولكن والدي جار جنب لفضيلته، ومازال الرسول يُوصي بالجار، حتى كاد يورثه. نظر إليَّ كما لو كان يتقرَّى ملامحي، ثم دفع بي إلى المراقب، ليلحقني بالصف الأول تمهيدي، وكان حقي أن ألحق بالصف الثاني، ولكنه قوَّم أشيائي، ولم يقوِّم معارفي. فكان أن ضاع من عمري عام دراسي. هذا اليوم الاستثنائي في حياتي أدخلني إلى عوالم، لم أكن أعهدها من قبل. وبعد سنتين أو ثلاث، جاءت زيارة [الملك سعود] - رحمه الله- إلى القصيم، ومن ضمن برنامجها زيارة المعهد، فكان أن تقلدت مكبر صوت، لأهتف بكلمة واحدة (يعيش جلالة الملك) يرددها من ورائي الطلاب المصطفون على جانبي الطريق. لقد مكثت أسبوعاً أردد هذا الهتاف، وأسبوعاً أطبقه، وساعة العسرة تلعثمت، فقلت ![]() بالتعاون بين منتدى ثلوثية المشوح ومركز الدراسات الشرقية بجامعة القاهرة أقيم الأحد الماضي احتفال علمي تمت فيه قراءة أعمال الشيخ العلامة محمد العبودي وإنجازاته وسيتم نشر الأبحاث والأوراق في كتاب مستقل وتنشر «الثقافية» مجتزءات منها. وحول هذا يكتب كل من : 1- د : محمد بن عبدالله المشوح حديث تلميذ إلى شيخه في نهاية الأربعينات الميلادية انطلقت بواكير التعليم النظامي في المملكة العربية السعودية والتي كان شيخنا أحد مؤسسيه وروّاده ومنظريه بدءاً بعمله مدرساً في أول مدرسة ابتدائية افتتحت ثم مديراً لثاني مدرسة في مدينة بريدة بمنطقة القصيم في المملكة العربية السعودية ثم انطلقت همة القائمين على التعليم في المملكة العربية السعودية إلى إنشاء معاهد علمية على غرار ونمط وطريقة المعاهد الأزهرية التي زارها مفتي عام المملكة العربية السعودية آنذاك الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله وأعجب بها ونالت استحسانه ورغب في نقل تلكم التجربة العلمية الرائدة إلى بلدة المملكة العربية السعودية. وبالفعل تم افتتاح أول معهد علمي سعودي ثم لحقه معهد ثاني سنة 1372هـ في مدينة بريدة بمنطقة القصيم وتولى شيخنا إدارته ثم عهد إليه بمهمة التعاقد والاختيار لكوادر علمية مناسبة جادة تتولى التعليم والتدريس في تلكم المنارة العلمية. فكانت مصر وبالأخص الأزهر هي الوجهة الكبرى والأولى وفي حدود سنة 1955م وصل شيخنا إلى مصر في أول زيارة له إلى هناك لبدء مهمة التعاقد مع عدد من علماء وأساتذة الأزهر الشريف للعمل معه في المهمة الموكلة إليه. وبالفعل ابتدأت العلاقة له مع مصر بعلمائها وأدبائها ومفكريها فنهل من علومها واستفاد من تجاربهم الفكرية وكانت له اشتراكات صحفية متواصلة ومبكرة حيث تصله بعض الصحف والمجلات المصرية مثل المقطم وغيرها على فترات متفاوتة وذلك في أوائل الأربعينيات الميلادية. كل ذلك والمجتمع السعودي آنذاك لم يزل مجتمعا طرياً ناشئاً يسير بخطى موحده الملك عبدالعزيز الذي أراد منه أن يكون شعباً راقياً متعلماً رائداً. وكانت مصر بحراكها وعلومها وجامعاتها العريقة هي الجسر الأهم لذلك البناء المعرفي. وظل شيخنا يلاحق الكلمة ويعشق المعرفة ويتوق للعلم مع تعدد المسؤوليات وتزاحم الأعمال. وفي حدود سنة 1959م ظهرت أولى بوادر البناء العلمي والثقافي لشيخنا في جدية مبكرة ومبادرة شبابية رائدة اختزل خلالها دروب التردد والفشل التي قطعت الطريق أمام الآخرين. ليبادر إلى طباعة كتابة الأول الأمثال العامية في نجد محققاً بذلك أولى رياداته في التأليف في هذا المجال مبتدئاً مشواراً طويلاً مع أولياته وفرائده التي لم تكن لسواه. استقبل الناس كتابه هذا بترحاب كبير لأنه يعتبر من أوائل الكتاب السعوديين تأليفاً وتدويناً خصوصاً أنه كتب بلغة علمية وأدبية راقية. جمعت الجوانب الشرعية والإحساس والذائقة الأدبية والمعرفة الثقافية الواسعة. مقتفياً أثر الأديب المصري الشهير أحمد تيمور باشا في كتابه الأمثال العامية في مصر ولكن بطريقة نجدية مبتكرة رائدة جديدة جمع خلالها أكثر من خمسة آلاف مثل. وها هو زميله ورفيق دربه العلامة السعودي حمد الجاسر يصف كتابه الأمثال العامية في نجد في طبعته الأولى في مصر سنة 1379هـ فيقول: «وكتاب الأمثال العامية في نجد يعتبر باكورة طيبة من بواكير الدراسات الأدبية في قلب جزيرة العرب هذه البلاد التي لا تزال بحاجة إلى كثير من الدراسات في جميع أوجه مظاهر الحياة العامة بالنسبة لسكانها من تاريخية واجتماعية وأدبية وغيرها. وسيدرك القراء ما بذله المؤلف الأستاذ الأديب محمد العبودي من جهد كبير يتبين واضحاً في مادته الغزيرة بحيث احتوى على ما يقارب ألفي مثل، وفي البحث العميق عن أصول تلك الأمثال وفي مقارنتها بمثيلاتها لدى سكان الأقطار العربية كالشام ومصر، وفي كثرة ما رجع إليه الأستاذ المؤلف من أمهات كتب الأدب العربي، وما استقى منه من مصادر مختلفة. ولهذا فإن الدارسين لتاريخ آداب هذه البلاد، بل كل المعنيين بدراسة الآداب العربية في جميع أقطار العروبة - سيحمدون للمؤلف الكريم صنيعه، وسيجدون في مؤلفه هذا ذخيرة طيبة، غزيرة في موضوعاتها، غزيرة في فائدتها، مكملة لجانب من جوانب الدراسات الأدبية، كان ناقصاً لو لم يقم الأستاذ العبودي بتأليف هذا الكتاب، في هذه الصورة التي استحق عليها طيب الشكر وجميل التقدير من جمهرة القراء لا في هذا الجزء من البلاد الذي عني المؤلف بالبحث في أمثال سكانه، بل في جميع البلاد العربية، فقد أبان المؤلف بكتابه هذا ناحية مهمة من نواحي الاتصال والارتباط بين أبناء البلاد العربية على تباين أقطارهم وتباعدها. وما أجدر الأمة العربية -في عصرها الحاضر- بأن يتجه كتابها وباحثوها إلى إبراز النواحي التي تقوى الأواصر، وتوثق الروابط وتحرك في النفوس بواعث التواصل وتدفع إلى التعارف وتوجد أسباب التآخي والتواد بين جميع أبناء العرب. ولئن كان من حق المؤلف الكريم على القراء -وهذا من حقه بلا ريب- أن يقدروا ما بذله من جهد حق قدره، وأن يستقبلوا هذا الكتاب أحسن استقبال، فإن من حق هؤلاء القراء على المؤلف أن يستنجزوه الوعد بسرعة إصدار القسم الثاني منه ، وأن يستحثوا عزيمته، لا لاستكمال البحث في موضوع الأمثال فحسب، بل بالاتجاه إلى نواح جديدة أخرى في هذه البلاد بالدراسة والتأليف، لأن هذه الباكورة اليانعة الطيبة التي قدمها الأستاذ العبودي تدفع إلى التطلع إلى ثمار شهية ناضجة من دراساته المقبلة....» انتهى. ولم يكن يعلم شيخنا أن مصر العلم والثقافة سوف تكون بداية انطلاقته مع التأليف والكتابة والتدوين ليتربع اليوم على عرش المؤلفين السعوديين إن لم يكن العرب في أكثر من مائتين وأربعة وعشرين كتاباً مطبوعاً وما يقارب مائة وثمانين كتاباً مخطوطاً جاهزة للطبع والنشر. وظلت مسيرته تسير بخطى ثابتة جادة تتزاحم حوله العلوم والفنون متأبطاً ما وهبه الله من قدرة على الحفظ وصبر على التدوين وقدرة على التميز وملكات علمية فذة جعلته اليوم بلا جدال أحد أبرز العلماء العرب الموسوعيين. حيث كتب في الشريعة واللغة والأدب والتاريخ والأنساب والفلك والجغرافيا كما كتب في فنون القصة والرواية وفن المقامات المندثر. وحظي شيخنا خلال مسيرته تلك بالاحتفاء والتقدير من قبل الجميع وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي قلده وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى إضافة على تكريم صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء بصفته احد الرواد في التاريخ المحلي السعودية وامتدت عطاءاته إلى آفاق واسعة حيث كانت له إسهامات مميزة في الأعمال والمسؤوليات الكبرى التي أسندت إليه من قبل الدولة. حيث كان أحد أبرز المؤسسين للجامعة الإسلامية في المدينة المنورة وكذلك أول أمين عام لها وأول أمين عام للهيئة العليا للدعوة الإسلامية والأمين العام المساعد لرابطة العالم الإسلامية مدة ناهزت ثلاثين عاماً. ليحط الرحال متنوعاً لأعمال مشاريعه العلمية الرائدة في التأليف بعد خدمة عملية أمضاها في الدولة ومسؤولياتها الكبرى أكثر من سبعين عاماً. وإن مسيرة العلاَّمة الشيخ محمد بن ناصر العبودي في البحث والتأليف والكتابة والتدوين في الدعوة والأدب والتراث لَتَسْتَدْعِي من عاشقي العلم التوقف والتأمل؛ لإبرازها إلى خلوف الأجيال من بعد، والذي صار بدوره ظاهرة تستحق المعاينة والدراسة، ومرحلة تاريخية يلزم كشفها ودراستها. ها هو ذا العلاَّمة العبودي بقامته الممتدة عبر علومه المتزاحمة، وفنونه المشرعة، يقدم أنموذجًا فريدًا لشخصيات فريدة اختصتها المملكة العربية السعودية؛ فقدم وبذل حتى احتلَّ منزلة شمَّاء في نفوس الناس كافَِّة. بل لقد سَبَقَتْ ذكرى محاسنه إلى السمع، ووصل خبر لطائفه إلى الفؤاد، وحقًّا ما قيل: «وما المرء إلا ذكره ومآثره» وقول الآخر: ويبقى من المال الأحاديث والذكرُ أماوي إن المال غادٍ ورائح إن الحديث عن العلاَّمة العبودي أمنية تراود الكثيرين؛ آمل أن أكون قد قمت بالفرض الكفائي فيه. ولقد آنس هذا العلاَّمة من نفسه مخايل النبوغ ومواهب الإبداع، فدأب يسعى بِجَدٍّ واجتهاد للتحصيل والطلب، فنمَّى نبوغه وغذَّى مداركه حتى إذا ما اشتدَّ ساعده، واستوى على سوقه، قام بهمة وعزيمة ببذل علمه وما آتاه الله إيَّاه من مواهبَ وقدراتٍ. لقد جال هذا العلاَّمة العالم ببصيرة نافذة، وعقل راجح، وفؤاد حيٍّ، وعمق ديني راشد، وحسٍّ حضاري مفتوح بأن ذلك في شخصه وبدا على مُحَيَّاه. ولم يكن أنانيًّا في حياته وتجاربه، بل صاغ ذلك في كتبه، ودَوَّنَ ما لَقِيَهُ في سطور أوراقه ومخطوطاته، حتى اجتمعَتْ فيه علومٌ وفنون ومعارف شَتَّى، كلها تتجاذب العلاَّمة العبودي إلى كنفها ومحيطها. وقد نال العلاَّمة العبودي من تلك المعارف حظَّه ومبتغاه، فأبصرَتْ عيناه حضارات الأمم، ووطئت قدماه حواضرَ العالم القديم والحديث، فلم يبعده ذلك عن فكْر أُمَّته وتراثها، ولم يحجبه عن مكامن مجدها وحضارتها الخالدة، بل قد أصاب من تلك الحضارة خيرها، وارتوى على أثر ذلك من مَعِينِ أمته الصافي. 2- د. إبراهيم التركي عامان في مجلس الشيخ فاتحة: لنا أن نطاول بوقته مصطفًا بجانب علمه؛ فالفضاءُ المعرفيُّ لا يدينُ لكتابٍ وكاتبٍ أو لمنبرٍ وقائل لكنه يتجاوزهما إلى الشخصِ مع النصّ فلا يلتقي الرأس الممتلئُ والبذل المنكفئُ، ولا يعنينا العلم الممتد والتعامل المرتد، ونفتش في السير فنعتبر؛ فليس من قال كن فعل، وليس من أعطى كمن بخل. تمهيد: عُرفت المنتدياتُ الخاصةُ عبر التأريخ وتعددت وسائطُها وأهدافها، وربما كان مشاؤو «أرسطو1»- تأسست عام 335 قبل الميلاد- نموذجًا أولَ لما مثله مريدوه في حرصهم على استصحاب أستاذهم وهم يمشون بين الأشجار اقتناعًا بتأثير ناتجِه الموجب على الفهم، وبقيت مدرسة المشائين بعد وفاته بقرون وتخرج فيها عدد من النابهين في المنطق والفلسفة والعلوم والرياضيات، كما جاءت المنتديات البيتية بديلًا عن المشي، وعرف تأريخنا القديم والحديث عددًا منها كما كان يُروى عن مجلس «قيس بن عاصم2 « قبل الإسلام ومجالس الخلفاء والأدباء ومنهم ومنهن: سكينة بنت الحسين3 وولادة بنت المستكفي4 ومي زيادة5 وطه حسين6 والعقاد7 وآخرون، وذُكر بعضها في الشعر كما صنع إسماعيل صبري8 1854-1923 م مع صالون مي إذ ينسب إليه: روحي على بعض دُور الحي حائمةٌ كظامئ الطير تواقًا إلى الماء إن لم أمتع بميٍّ ناظريَّ غدًا أنكرت صبحك يا يوم الثلاثاءِ كما وُثقت بعض حكاياتها في مؤلفات مثل العقد الفريد والإمتاع والمؤانسة وفي صالون العقاد كانت لنا أيام والإثنينية، وفي المملكة العربية السعودية تنوعت المنتديات الشخصية وتكاملت أغراضها بين مجالس مفتوحة ومغلقة وبين ما هدفها التكريم وتهتم بالإعلام وما تقتصر على أحاديث عامةٍ ومحاضرات متخصصة، وبرز منها سبتية الجاسرين ( حمد 9 وعبدالكريم 10) في الرياض وأحدية المبارَكَين (أحمد 11 في الأحساء وراشد 12 في الرياض) وسارة 13 الخزيم في الخرج وإثنينية الجهيمان 14 في الرياض وخوجة 15 في جدة وثلوثية المشوح 16 وبامحسون 17 في الرياض وأربعاوية الرفاعي 18- باجنيد 19 المسماة الوفاء وابن عقيل 20 في الرياض والمشيقح 21 في بريدة وخميسية الموكلي 22 في جازان وجُمعية شلبي 23 في الرياض ويومية عبدالرحمن العثيمين 24 في عنيزة، وهذه نماذج للتمثيل فقط، ويتفاوت انتظامُها وأسلوبُ إدارتها ونوعيةُ المعنيين بها. الفكرة والتنفيذ: ربما جاز لصاحبكم أن يدَّعي أنه أول من طرح فكرة المجلس أو الجلسة على معالي الشيخ العلامة محمد بن ناصر العبودي عبر الوسيط الإعلامي المقروء إثر انتقال مقر إقامته من مكة المكرمة إلى الرياض بعد تقاعده؛ فكتب في العدد 365 الصادر في الثامن من شهر ربيع الآخر عام 1433هـ (1-3-2012م ) - من المجلة الثقافية الصادرة عن صحيفة الجزيرة يطالب الشيخ - بعدما استقر في الرياض - بتخصيص وقتٍ لمحبيه كي يلتقوا به ويستفيدوا من علمه: «يوشك أن يكمل التسعين؛ منها سبعون عامًا من العمل الرسمي ليفرغ لنا العلامة الشيخ محمد بن ناصر العبودي الأمين العام المساعد السابق لرابطة العالم الإسلامي ولمشروعاته البحثية التي لم يعقه عنها عمله الطويل، فحظيت المكتبة الجغرافية والتأريخية واللغوية بأكثر من مئتي كتاب (بعضها في أجزاء متعددة) ليبدو واحدًا من أهراماتنا الثقافية التي نطاول بها؛ مضيفًا إليها سماتٍ شخصيةً مشرقةً في الطيبة وحسن الخلق وتواضع الكبار والكرم والخدمة ولين المعشر وبذل العلم لطالبيه ووفائه بحق مدينته (بريدة) وبقية مدنه على امتداد الوطن وعبر العالم الذي طاف بكل أرجائه؛ فتجاوز ما زاره الرحالة قبله، وصار مرجعًا في عادات الشعوب وثقافاتها، وقد فرح محبو الشيخ بتقاعده لظنهم أنه سيستقر أكثر في الرياض، مؤملين أن يفتتح منتدىً ثابتًا خاصًا به في ليلة أو ليلتين؛ ليكون كما المجالس المنزلية ذات الأثر الكبير في تعريف الشباب على رمز مهم من رموزهم والاستضاءة بما خطه في حياته سعيًا ووعيًا وتجارب؛ أمد الله في عمر شيخنا أبي ناصر وبارك في عمله وعلمه». وجاءت استجابة الشيخ فوريةً حيث نشرت الثقافية في عددها التالي ذي الرقم 366 الصادر يوم الخميس 15 ربيع الآخر1433هـ الموافق 8-3-2012م. «تواصلاً مع مقترح الثقافية في العدد الماضي حول ما يتطلع إليه مريدو الشيخ محمد العبودي في أن يفتتح منتدىً ثابتًا خاصًا به في ليلة أو ليلتين؛ ليكون كما المجالس المنزلية ذات الأثر الكبير في تعريف الشباب على رمز مهم من رموزهم والاستضاءة بما خطه في حياته سعيًا ووعيًا وتجارب أعلن الشيخ العبودي حفظه الله مغرب يوم الإثنين من كل أسبوع لقاء منزلياً خاصاً بمحبيه وتلامذته.. «الثقافية» تعتز بهذه الخطوة التي صادفت عزيمة وعطاء ممتدين لدى شيخنا الكبير.. والتهاني موصولة لمحبيه الكثر. أي أن ندوتنا الثلوثية « القاهرية» هذه تجيء وقد مضى عامان كاملان من عمر مجلس الشيخ الإثنيني الذي ابتدأ الإثنين 19 ربيع الآخر 1433هـ (12-3-2012م)، ويُستهلُّ عادةً عقب صلاة المغرب مباشرةً وينتهي مع أذان العشاء للمتعجلين من مرتادي الندوة وبعد أدائها جماعةً خلف الشيخ للمتريثين، وهو مجلس منتظم لا يكاد يُخلفُ إلا عند سفر الشيخ خارج الرياض ووقت إجازات الأعياد والإجازات المدرسية. موقع الجلسة: يقع مجلس الشيخ في دارته العامرة بحي النزهة في شمال مدينة الرياض، وخصص له الشيخ صالونًا داخليًا مساحته مئة متر مربع تقريبًا، ولم يستقل الشيخ بمقعد منفصل بل يقتعد أريكةً تتسع لثلاثة أشخاص يشغلها غالبًا أصدقاؤه ومرتادو إثنينيته من كبار السن ويتوزع الباقون على أرائك مماثلة تتسع لما لا يقل عن ثلاثين شخصًا وبالإمكان زيادة الطاقة الاستيعابية إلى أكثر من الضعف لو وضعت كراسٍ في منتصف الصالون وهو ما سيتيح القربَ من الشيخ وسماع حديثه بوضوح وتجاوزَ ما قد يحصل من أحاديث جانبية بين النائين وبخاصة أن الشيخ لم يفضل بعد وجود مايكروفون متنقل بين الشيخ ومجموعة المداخلين والمستفهمين ،ويحرص الشيخ على استقبال وتوديع جلسائه واقفًا بالرغم من يقينه أن مريديه لا يريدون المشقة عليه،كما تُقدَّم لهم في مجلسه القهوة والشاي والزنجبيل والتمر وبعض المأكولات الخفيفة كالمصابيب والحنيني» في وقت الشتاء»، ولا ينساهم موسمًيا من توفير ثمر نخلته المفضلة» العبودية» التي لا توجد إلا في مزرعته ومزارع من أهدى إليهم فسائل منها، ويقال إنها مأمونة لمرضى السكر بعد تحليلات مخبرية أثبتت ذلك. موضوعات الجلسة: في أولى الجلسات استفتى الشيخ جلساءه عن الأسلوب الأمثل لجعل الجلسة ذات إضاءة وإضافة، واستعرض معهم طبيعة المجالس المماثلة ووجود من يستعين بمحاضرين وفق جدولة محددة لاسم المحاضر وطبيعة محاضرته، ورأى الأكثرية أن هدفهم من المجيء للجلسة هو الاستماعُ للشيخ ومناقشتُه والإفادةُ من علمه فلا معنى لاستجلاب محاضر أو اقتراح محاضرات، وصار المجلس معتمدًا على ما يثيره مرتادوها من استفهامات وما يقدمه الشيخ من إجابات واستطرادات وفوائد تشمل مختلف حقول المعرفة لما يمتاز به الشيخ حفظه الله من سعة في المعلومات وشمولية في اتجاهاتها وما حباه الله به من ذاكرة استدعائية نادرة تحيط بالموضوعات وتفصيلاتها ؛ فهو فقيهٌ لغوي أديب رحالة مؤرخ عالم بالأنساب والأسر محيطٌ بها إحاطة المتخصص،ويزيد عليها تواضعُه العلمي فنسمع منه ثناءً على مريديه وإشادةً بجهودهم وتحريه الدقة وتبيان عدم جزمه برأيٍ في القضية المبحوثة ورغبته العودة لمكتبته من أجل مزيد من التثبت. نماذج من الموضوعات: لا يمكن حصر الموضوعات المطروحة في ندوةٍ عقد منها حتى الآن ما لا يقل عن ثمانين جلسةً وفي كل جلسة تثار عدةٌ من قضايا، ويمكن رصد عينات مما طرح وفق العناوين الآتية: * * وضع المسلمين في أوكرانيا وشبه جزيرة القرم وأفريقيا الوسطى ومالي وكوبا. * * بناء أول كنيسة في جزيرة العرب قبل الإسلام في نجد. * * ذكريات مع العلماء ومنهم المشايخ: ابن إبراهيم وابن باز وابن حميد والألباني وآل سليم وآخرون. * * ذكريات مع الوجوه الاجتماعية والثقافية مثل: قني وحمدة وصالح بن صالح وعبدالرحمن الربيعي ومطوع اللسيب والملا ابن سيف وسواهم * * أنساب الأسر النجدية تحديدًا وتواريخ هجرتها. * * جغرافية القصيم بشكل خاص وأبرز معالمها وما ورد حولها في الشعر القديم. * * توثيق بعض الأحاديث النبوية المتعلقة بالمكان والزمان مثل حديث الأرضين السبع. * * حكايات طريفة عن رحلاته والمواقف الغريبة والمفاجآت التي حدثت فيها. * * تحقيق بعض الروايات التأريخية الشفاهية الواردة على ألسنة الرواة وفي المخطوطات وبخاصة ما يتصل بأحداث الجزيرة العربية. * * التدارس في بعض الأحكام الفقهية المتصلة بالصلاة والصوم وقضايا المسلمين في البلاد غير الإسلامية. جلساء الإثنينية: يتنوع مرتادو مجلس الشيخ ففيهم العالم والمتعلم والشيخ والشاب والأقارب والأباعد ويمثلون طيفًا اجتماعيًا واسعًا من جميع مناطق المملكة وبعض الدول العربية مثلما هو مفتوح لمن شاء الحضور دون تمييز، ويلاحظ وجود شخوص ملازمين للحضور وآخرين غير ثابتين، كما أن بعضهم يسجل عبر الورق والحاسوب أبرز ما يقوله الشيخ. خاتمة: يشعر مرتادو مجلس الشيخ بالحميمية حيث يحتفي بقادمهم ويتفقد غائبهم ويحتفي بأسئلتهم وتعقيباتهم ويجيد الإصغاء إليهم مع أنه أعلم منهم بما يعلقون عليه أو يبتدئون الحديث فيه ممتعًا بأخلاق العلماء الكبار مستعيدين معه قول ابن الرومي 836-893م: وتراه يصغي للحديث بسمعه وبقلبه ولعله أدرى بهِ ومع ازدياد مرتادي ندوة الشيخ حفظه الله فإن الحاجة قد تدعو لترتيب المقاعد بشكل أكثر تنظيمًا من وضعها الحالي بوصفها صالون استقبال جميلًا وإضافة بعض المقاعد الوسطية على شكل صفوف كي تستوعب عددًا أكبر ،وربما رأى المعنيون بها وعل ى رأسهم الدكتور محمد المشوح والمهندس ناصر العبودي أهمية توثيق جلساتها بالصوت والصورة فستكون لها قيمتها العلمية والتأريخية بعد حين، ويتصل الدعاء لشيخنا الجليل أبي ناصر بطول العمر وسداد العمل. وبعد: سقى الله من أضاء وأضاف وقدَّم فتقدم ومنح حبَّه كما وظّف حبره فاستحقَّ أن يعتليَ المكان وتدينَ له المكانة. *** هوامش: 1- أرسطو ( 384 ق.م - 322 ق.م ) فيلسوف يوناني عريق، أستاذه أفلاطون ومن تلامذته الإسكندر الأكبر وقد ظلت مدرسة المشائين في زمنه ثلاثة عشر عاما. 2- قيس بن عاصم التميمي حليم العرب شاعر وفارس وحكيم عاش في الجاهلية وأدرك الإسلام ولقي الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وروى عنه. 3- «سكينة بنت الحسين ابن علي ابن أبي طالب رضي الله عنهم، واسمها آمنة وسكينة لقبها، ولدت عام 667م وتوفيت عام 735م. 4- ولاّدة بنت المستكفي بالله محمد بن عبد الرحمن الأموي، أميرة أندلسية وشاعرة فصيحة ولها مجلس مشهود في قرطبة، توفيت عام 1091م للهجرة في أحد الأقوال وعمرت قرابة مئة عام. 5- ماري بنت إلياس زيادة أديبة وشاعرة فلسطينية ولدت في الناصرة عام 1886م وتوفيت في القاهرة عام 1941م واشتهر منتداها وعلاقتها بجبران. 6- طه حسين علي سلامة 1889-1973 م معلم ثقافي شامخ عمل أستاذًا جامعيًا وعميدًا ووزيرًا وكان منزله» رامتان» مقصد محبيه. 7- عباس محمود العقاد علم فكري بارز ولد في أسوان عام 1889م وتوفي في القاهرة عام 1964م وكان يعقد مجلسه العام يوم الجمعة. 8- إسماعيل صبري باشا (1854 - 1923م) ويُلقب بشيخ الشعراء وإن لم يُروّ له الكثير وكان أول نائب عام مصري، ثم عُين محافظاً للإسكندرية، ووكيلًا لوزارة الحقانية. 9- حمد بن محمد الجاسر 1910-2000 م يلقب:»علامة الجزيرة العربية» وهو باحث ومؤرخ ومؤسس دار اليمامة وصحيفة اليمامة ومجلة العرب واشتهر بجلسته ضحى الخميس التي أصبحت مجلسًا باسمه ضحى كل سبت. 10- عبد الكريم بن عبد العزيز بن إبراهيم الجاسر رجل أعمال يحمل الشهادة الجامعية من كلية اللغة العربية عام 1967م وله صالون ثقافي مساء كل سبت. 11- الأديب والسفير الشيخ أحمد بن علي المبارك من الأحساء تعلم في مصر وقابل أبرز وجوهها الثقافية وابتدأت ندوته عام 1991م وتوفي عام 2010م 12- الدكتور راشد بن عبدالعزيز المبارك ولد عام 1935م في الأحساء وهو مثقف وأديب تخصص في الفيزياء والكيمياء وله جلسة أحدية مسائية تجاوز عمرها ثلث قرن. 13- سارة عبدالله الخزيم من مدينة الخرج عملت في حقل التربية والتعليم ثم تفرغت لصالونها النسوي الثقافي الذي أنشأته عام 2013م. 14- عبد الكريم بن عبد العزيز الجهيمان ( 1912- 2011م)، صحفي وأديب وباحث من الرعيل المؤسس ،وكانت له جلسة أسبوعية مغرب كل إثنين استمرت شهريًا بعد وفاته. 15- عبدالمقصود محمد سعيد خوجة رجل أعمل ومثقف وصاحب صالون إثنيني مشهود يعتني بتكريم البارزين من السعوديين والعرب وطبع أعمال الرواد ونشرها. 16- « الدكتور محمد بن عبدالله ابن إبراهيم المشوح (1966م -) محامي ومستشار قانوني تخصص في الشريعة ويمارس المحاماة وله صالون ثلاثائي يكرم فيه أبرز الشخصيات الثقافية والمجتمعية. 17- الدكتور عمر عبدالله بامحسون (1943م- ) متخصص في القانون ولديه مكتب للمحاماة كما له صالون ثلاثائي متعدد الاهتمامات. 18- عبدالعزيز بن أحمد ابن عبدالكريم الرفاعي من مواليد أملج (1923-1993م) وهو باحث وأديب ومؤسس المكتبة الصغيرة ودار ثقيف وله صالون خميسي تحول أربعاويًا بعد وفاته. 19- الشيخ أحمد بن محمد باجنيد (1943م -) رجل أعمال ومحب للثقافة وأهلها ومن المداومين على حضور ندوة الرفاعي، وفي حياته كما بعد وفاته استضافها في دارته مواصلًا نهجها. 20- الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز ابن عقيل (1916-2011م )عالم بارزٌ يعد مرجعًا في الفقه الحنبلي وهو من أخلص وأقرب تلاميذ الإمام عبدالرحمن السعدي وله ندوة علمية أسبوعية مستمرة بعد وفاته. 21- الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله ابن عبدالعزيز المشيقح ( 1944م - ) متخصص في التربية وعضو سابق في مجلس الشورى وله منتدىً ثقافي أسبوعي في مدينته بريدة. 22- عبدالرحمن الموكلي شاعر من جازان أصدر عددًا من الدواوين وحظي باحتفاء النقاد وله صالون ثقافي أنشأه عام 2006م. 23- معتوق عبدالرحمن شلبي (توفي عام 2009م) وشغل مناصب في وزارة الثقافة والإعلام وآخرها وكيل لها للشؤون الإدارية وندوته مستمرة بعد وفاته. 24- الدكتور عبدالرحمن السليمان العثيمين (1945م-) عمل أستاذًا بجامعة أم القرى وهو من أبرز المحققين في زمننا ومتخصص في النحو والصرف وعلوم اللغة وله جلسة يومية في دارته بعنيزة. 3- د : حسن بن فهد الهويمل أدب الرحلة عند العبودي..! يوم لا أنساه، والأيام المحفورة في الذاكرة كثيرة.منها المفرح، والمترح، ومنها المخيف، المُطَمْئِن.. كلها تتجاور في أعماق النفس بتناقضاتها الصارخة، ومتى عفت مع تطاول الزمن، جاءت المناسبات، كما السيول التي تجلي الطلول. وتكريم العلاَّمة معالي الشيخ محمد بن ناصر العبودي في أي محفل في مصر أو في السعودية يعيد لي يوماً تفصلني عنه ستة عقود، إنه زمن طويل، ولكنه لم يستطع طمس أحداث ذلك اليوم، فكأن بيني وبينها ساعة من نهار. في صبيحة الخامس عشر من شهر صفر عام 1374هـ لملمت أطرافي المبعثرة، وغسلت وجهي المغبر، ولا أستبعد أنني استعرت عباءة وحذاء، ودفعت بكل هذه الملفقات إلي مكتب طيني صغير، يقبع في أقصاه رجل مهيب الجانب، تزينه وضاءة العلم، ويملؤه حنو المعلم. إنه العلاَّمة [محمد العبودي]، كنت يومها في السنة الرابعة الابتدائية، وكان لدى (المعهد العلمي) إذ ذاك مرحلة تمهيدية، تسبق المتوسط، ويُقْبل فيها المتفوقون، ليدرسوا في المرحلة التمهيدية. لم أكن متفوقاً، ولكن والدي جار جنب لفضيلته، ومازال الرسول يُوصي بالجار، حتى كاد يورثه. نظر إليَّ كما لو كان يتقرَّى ملامحي، ثم دفع بي إلى المراقب، ليلحقني بالصف الأول تمهيدي، وكان حقي أن ألحق بالصف الثاني، ولكنه قوَّم أشيائي، ولم يقوِّم معارفي. فكان أن ضاع من عمري عام دراسي. هذا اليوم الاستثنائي في حياتي أدخلني إلى عوالم، لم أكن أعهدها من قبل. وبعد سنتين أو ثلاث، جاءت زيارة [الملك سعود] - رحمه الله- إلى القصيم، ومن ضمن برنامجها زيارة المعهد، فكان أن تقلدت مكبر صوت، لأهتف بكلمة واحدة (يعيش جلالة الملك) يرددها من ورائي الطلاب المصطفون على جانبي الطريق. لقد مكثت أسبوعاً أردد هذا الهتاف، وأسبوعاً أطبقه، وساعة العسرة تلعثمت، فقلت ![]()
![]() ![]() ![]() خدمات المحتوى
|
تقييم
|
|